ها أنت تعانقينه بحنان، بحب، وبعض الاشمئزاز، تضمينه إلى صدرك، تذرعين صلعته بحرارة قبلك، قليلاً تبعدينه عنك، وتتنهدين فوق صحرائه دماء الألم قائلةً: آه كم إني حزينة لأجلك، أرى الكرب وقد حفر تجاعيده على مسامك، وهاهو السرطان انتزعك مني، وأكل جوفك، فماذا أفعل بك ياكوني وحياتي؟؟ يامن منك خرجتُ ومني أتيتَ، ويامن إليه أعود.
تتمددين على سريرك مستطردة: - أترى ياقطعة مني، إنه وبالرغم من آلامي التي سببتها لي، وبالرغم من الموت الذي ألحقته بأطفالي إلا أنني مازلت أحبك..... - كفكفي دمعك ياغاليتي، وتأكدي أن ليس في يدي حيلة، فلا ذنب لي بما أصابني وأصابكِ. تشعرين بحرارته، وتدوي ذكرياته بين تلافيف رأسك، وبينما تتهوعين معه أحزانك، يرن جرس الباب، فيقفز من يديك هارباً. رنين الجرس اللامتوقف يحمل خطواتك على بساط الارتباك والتوتر، تلفينه بغطاء وتخبئينه تحت السرير آمرةً إياه بالصمت. كعادتك تقصدين كتاباتك شماعة تعلقين عليها أرقك وشحوب وجهك.
تشعل صديقتك سلام سيجارة تحاول من خلالها ابتلاع حيرة اعتمرتها مذ رأتك، وتفصح دوائر الدخان عن تنهدات صدرها، وتخبرك أن زملائها في العمل قد جرعوا ضمائرهم سبات أهل الكهف، وقد رحل أنين الأجنة عن مسامعهم عندما انتشوا بصوت حفيف الورق الأخضر. فالطبيب منهم عندما يقوم بسحب الجنين بملقط من قدمه، يغلق الجنين قبضته بقوة داخل رحم والدته، ويفتح فمه ألماً......ثمّ يدخل الطبيب ملقطاً آخر ذا فكين مروسين يثقب بهما جمجمة الجنين و "سيد الحبايب ياضنايا إنتَ...." رنين جوال سلام يقطع حديثها، ويدخلك إلى عالم الدموع والأسى، وتتساقط دموعك المالحة..... تصلك سيول أمطار تنهمر من هناك....من حيث هو. تنفجرين بالصراخ: سأقتلك أيها اللعين. تهبين إلى المطبخ، تسحبين سكيناً وغلى حيث خبأته تلحق بك سلام... تسحبينه من تحت السرير مخاطبة إياه: -يامقبرة أطفالي، سأقطعك إرباً، ألم يكفيك خنق أجنتي وقتلهم؟؟ وتريد أن تجهز على حياتي أيضاً، فبمرضك هذا أصبحت من الحياة مجهَضةً، وبسببك ليس سوى الموت ما ينتظرني. تندفع إليك سلام بلوم وتأنيب، لتنتزعه من يديك صارخةً: -متى قمت باستئصاله، ولماذا لم تنتظري عودتي، ولماذا لم....؟؟ يقطع لاوعيك وابل أسئلتها مرتدياً هندام المحاربين في المعركة، وتخطفينه منها
مجزمجرةً: إنه رحمي وأنا حرة أفعل به ما أشاء، تغرزين السكين بين طياته، وتهمين على تقطيعه إرباً.... لكنك وكالقماش المهترئ تتهالكين على الأرض، وتتصببين عرقاً كجليد القطب الجنوبي..... تتنهد سلام الصدمة، وعلى بساط السرعة تنهض بك إلى المشفىن علهم يعيدون لك شيئاً من الحياة.
مشلين بطرس
المجهضة .. بقلم: مشلين بطرس
بواسطة ضفاف البيلسان
فى
3/13/2016
تقدير: 5
ليست هناك تعليقات