انطلقت ليلى من منزلها، مسرعة لتواكب موعدها مبكراً، مع طبيب الأسنان في الوقت المحدد ، وهي تدعو الله بالنجاة من ازدحام السير الخانق ، الذي تشهده شوارع العاصمة على الدوام والتي كانت بمثابة معاناة لها ولكل الناس وخاصة لمن يرتبطون مثلها بمواعيد لا تحتاج لأي تأخير، فأي تأخير يعني بالنسبة لها المزيد من الانتظار ووقتا إضافياً واطول في عيادة الطبيب ، مما يسبب لها ضيق الخلق والضجر ، والشعور انها ستنفجر كالديناميت.. نظرت ليلى الى ساعتها وشعرت بالاطمئنان لأن الوقت لا يزال مبكراً على موعدها مع طبيب الأسنان.. لذلك استقلت الفان ، وجلست بجانب الباب المفتوح لتحظى بقليل من الهواء ، وليكون الأمر اسهل لها وأسرع عند النزول منه.. فُتحت الأحاديث المختلفة بين الركاب، وتشاطر الحوارات والآراء في المواضيع المختلفة ما بين شراء كتب.. ادوية.. طبخ.. أومعاناة قلب عاشق محب.. وبين من يشتم الوضع الاقتصادي المُعاش والحالة البائسة التي وصلوا اليها وغيرها من الاحاديث التي كانت كافية لتنسي هؤلاء الركاب العجقة ومسافات الطريق التي سيتجاوزونها.. وكانت ليلى بمثابة الجمهور المستمع بدون تعليق ، تضحك سراً بينها وبين نفسها وتقول: - بث صباحي مباشر يغني عن المحطات الاذاعية.. المهم ان اصل الى عملي في اسرع وقت.. هكذا كانت تمنّي النفس طيلة الطريق التي يتصاعد وراءها غبار الفان والتي كانت في معظمها بين توقف مستمر وبين صعود او نزول متواصل للركاب عند محطاتهم المختلفة.. وفي اللحظة التي كانت ترجو فيها ليلى الوصول الى موعدها مبكراً، إذ بالسائق يدوس فجأة بدون سابق انذار على الفرامل ليتفادى الاصطدام باحدى الدراجات النارية التي تجاوزت الطريق امامه فجأة مما ادى الى قذف ليلى خارج الفان وكأنها صاروخ موجه ، لتقع على الأرض مبللة بالمياه ، و لحسن حظها لم تصب سوى بخدوش بسيطة مع تحول ملابسها المبللة بالمياه والتراب لملابس مجوقلة - إذا صحّ التعبير- ونهضت ليلى عن الأرض وهي تنفض ملابسها وتلعن الساعة التي استقلت فيها هذا الفان.. ومما زاد الطين بلة في غضبها ، كلمات مواساة صاحب الفان والركاب لها وتهنئتها بالسلامة وكأنها نزلت تواً من الجو بالباراشوت..
اكملت ليلى طريقها وهي تتمتم باللغة السنسكريتية الغير مفهومة لهذا اليوم المشؤوم وللفانات والدراجات النارية ، الى ان وصلت لعيادة طبيب الأسنان ، لتفاجأ الجميع بشكلها الذي لا تحسد عليه ، وتعاجل السكرتيرة بابتسامة ماكرة وتعليق ساخر، لطيف: - لا تتعجبي هذه آخر موضة في السوق اليوم.. الملابس المجوقلة.. بصراحة انا عاملي تمويه كي لا ترصدني الأقمار الاصطناعية.. يضج المكان بالضحك ، وتختم ليلى كلامها قائلة بعد ان تجلس على الكرسي وتأخذ نفساً عميقاً: - المهم ان لا اكون قد تأخرت عن موعدي مع الطبيب ، فقد وصلت على ما اعتقد في اسرع وقت ممكن.
الكاتبة والإعلامية: إلهام غرابي - لبنان
موعد مع طبيب الأسنان .. بقلم: إلهام غرابي
بواسطة ضفاف البيلسان
فى
10/30/2016
تقدير: 5
ليست هناك تعليقات