الجديد

عفن يحتفي برائحته .. بقلم: مشلين بطرس





عفن يحتفي برائحته..
 
 






وحيداً تقبع في شرفتك التي تشاركك وحدةٌ حاكها تسلطك ونسجها استبدادك على نول عقلك الذكوري.
أنفاس نرجيلتك تدخل بين ثقوب الطوب التي انتابها سعال خانق قائلةً: لن تبدد رائحة دخانك عطر يديها اللتان حملتاني على ظهرها كي تساعدك في بناء منزلك هذا المجبولة رماله بقطرات عرقها ودماء أناملها.
تقتلُ روح النرجيل، تسحبُ أنفاسها بقوة، تزفرها بغضب علّها تسكت بوح الطوب وتخرسه إلى الأبد.
صوت غاضب يخاطبكَ بهمس: نعم أناملها، تلك التي اعتادت حمل القلم وجبل الحروف مع الكلمات على أوراق لتحضير محاضراتها، وكتابة مراجعها.
فإلى متى ستبقى مفاهيمك الذكورية سداً منيعاً يقف بينكَ وبين ضميركَ الذي يجثم التأنيب على أكتافه؟؟؟
ترمي خرطوم النرجيلة، تركل الكرسي بحنق، تطفئ النور، وتخلد إلى نوم عميق ...
-لماذا تصرخين أيتها المرأة؟؟
-دخيلك يا أباعيد هناك جرذ في الحمام!!
-ضربة تخلع رقبتك يا ناقصة عقل ودين ...
بغضب تركل باب الحمام مستطرداً:
اقبعي في منزلك وبلا عمل وبلا جامعات، وبلا حكي فاضي وأكل خ...، أولم تقرأي ماقاله أرسطو: "أن المرأة، امرأة لنقص فيها، وعليها ان تلزم بيتها كتابعة لزوجها".
-لكني لستُ من النساء اللواتي قصدهنّ أرسطو، فانا إمرأة طموحة، ولديّ الكثير الكثير من الفكر والعقل الذي يساعد في بناء المجتمع والوطن، كما أنني لستُ مقصّرةً في واجباتي المنزلية ...
يوقف عيد صفعةً كالسهم تكاد تهوي على وجه أمه، لتبدأ حفلة الشتائم والضرب بتشغيل موسيقها اليومية ...
ندبة ظلم أطفأتْ سيجارة قمعك على صدر ابنك، وسخرتْ من أبوة تخلّت عن أبنائها، ورمت بحملهم على والدى حملت بيمينها طفلين وبالأخرى أشهرت سلاح العلم والثقافة في وجه الحياة الفاغر لابتلاعهم، فكانت الأمّ دونكيشوتة عصرها، وعيد وأخته كنا سانشو الذي بتعلم سبر أغوار الحياة.
ذكرياتُكَ تقفز هنا وهناك وتدق جرس الإنذار، ليخترق صمت ظهيرتك ويُسقِطَ نجومها في فضاء المشفى، ويتشظى غضبك وتستشيط شرراً.
يرمي هادي كيس السكاكر من يديه لتتناثر على أسرّة المرضى ويفرّ هارباً من جنونك، ذارعاً هدوء الممرات بصراخ عبثي يوقظ المرضى من سباتهم، وينشر الفوضى والهلع بينهم ...
يهبُّ طاقم الأطباء في حالة هستيريا، محاولين إعادة الهدوء والسكينة إلى عقول الفصاميين.
مشلين بطرس

ليست هناك تعليقات