الجديد

نبيل الملحم وغواية القاع في حانوت مريم .. بقلم: دعد ديب




نبيل الملحم وغواية القاع في حانوت مريم
  







المهزومون والمهمشون في عالم مدن الصفيح...قاع المجتمع ...الممزق بالجوع والفقر والاستلاب ..هو العنوان العريض لخامس أعمال الروائي نبيل الملحم (( حانوت قمر )) اصدار دار اطلس-بيروت 2014 ليمنح قارئه رؤية استنتاجيه للمقدمات والمسلمات ....للنهايات والنتائج ........فهو ما بعد عن الواقع الا ليقترب .......عبر محايثة للبيئة بلغة اقرب للبساطة متوائمة مع بساطة شخوصها ..وان كانت دواخلهم غاية بالتعقيد تعقيد التواريخ التي انتجت ملامح هويتهم البشرية يرجع فيها إلى الحياة العادية بعد ما قارب الأحداث المعاصرة في روايتيه ((بانسيون مريم ))اصدار 2012 و((موت رحيم ))اصدار2013-دار أطلس
يتنقل الملحم مع ابطاله بين لبنان وسورية حيث  المكان القريب جغرافيا .....والمشابه لبعضه بصفته عشوائيا ت المدن ......الزائدة عن الحاجة ..والمشادة كيفما اتفق ....حيث لا ابنية ولا خدمات .تملؤه اقليات تعلن كثرتها من ارمن ودروز وعلويون واكرادوايزيديون يجمعهم البؤس المظلل للهاثهم وراء لقمة العيش   ...تتكفل الطبيعة بتقويض السكن المتهالك واشباه الحياة فيها  لترمي اولئك المعدمين الى قاع القاع .......القاع ا لمأزوم  والمسكون وجدانيا بهزيمة حزيران   67 كإطار زمني للأحداث ...المؤكدة بغالبية المراحل .....وبشكل غير واع ...وجود هكذا بيئة تخلق الأرضية المواتية للانتكاسات والهزائم المتتالية
شخصيات مختلفة ومتباينة الاهتمامات من آغوب الارمني الى ...اليهودي ....الى خليل العربي ا لى  .هيغل ..يجمعها ما يفرقها الا وهو انحسارها  عن  الحياة ....حيث لكل منها حكايته وانكساره.يلتقون بإحاطتهم لشخصية المرأة((تسليمة))  العاهرة التي تجمع بين ثنائية المدنس والمقدس عبرمونولوج يعبر الفضاء الداخلي للشخصية السردية لها حيث يتجول بها من جيل لجيل بحيوات متعاقبة لا تتأتى الا للعارفين باللاهوت بعقلية تتبنى فكرة تناسخ الارواح وانتقالها من جسد إلى آخر ومن حياة إلى حياة أخرى  وفق شعائر معتنقي هذه العقيدة ناقلة تاريخ ست الحسن إليها في الحياة الثانية لتنجرف الى سلوكها المرغوب بالسر المرفوض بالعلن ضمن ثنائيات متناقضة تتجلى في شخصية الابن   يوسف الهارب من الجندية والذي يعيش عذابا حقيقا لذكرى امه  يمنعه من مقاربة أي امرأة خشية ان تكون أمه في حياة سابقة ...تجعله يقترب من عالم مدرب المصارعة مبخائيل المثلية مقاوما إغراء الحياة الوادعة .إلى أن ينتهي بجريمة يهرب منها ..متابعا سلالم انهياره  بموت طاعوني وهو يهذي بأوهامه عن انتقال الروح من أمه ست الملك إلى تسليمة التي تركت ابنها برعاية ((قمر))....الشخصية الحاضنة للهاربين من شجونهم وحلمهم وسكناهم ليسكنو إليها .وكأنها خلقت لتعوض امومة مفقودة لديها بحنان طاغ يكبر بتسارع شجي ليلف جميع من لجأ  إلى حانوتها  بما فيهم ساقي الشاي المصري على شاطيء الصيادين التي تربط غربتها بغربته  
لوحة كلاسيكية للبيئة ولشخصيات فترة الخمسينات تحاكي روايات حنا مينة ببؤسها حيث العاهرة الغاوية  والبؤساء العميقي الصدق ذوي النخوة الفطرية ويستعيض عن بحره ببحر المتاهة والعذاب ....وان كان هناك من يتهمه بالبعد عن الواقع بالرجوع إلى زمن بعيد نسبيا .فأعتقد انه أجاب عن هكذا سؤال في رواياته السابقة
..اذ من الصعوبة بمكان لكائن جائع ومهان ومقهور ومقموع  أن يقارع أشكال الطغيان بكافة أبعاده .حيث.الإنسان هو ركيزة الحياة بناؤه هو بناء لها وغير ذلك ضرب من العبث ....والسباحة في الفراغ
رجوع نبيل الملحم إلى زمن بعيد نسبياً ...والى هزيمة باقية بالنفوس وكأنه يرسل رسالة إلى الحاضر يعطي ضوءا على الزمن الحالي ...الذي تتقوض فيه اسس الحياة وتجعل الواقع نهبا لكل سارقي الحلم   ..فيه إيقاظ للذاكرة المنسية وتأكيد على اشتباك المسائل  ببعضها ...مامن شيء ينفصل حيث تمثل تفاصيل الحياة  الصغيرة صورة لاكبر القضايا 
 
دعد ديب

ليست هناك تعليقات